الغضب يمكن تعريفه بأنه سلوك انفعالي عنيف يأتي كرد فعل لحدث أو قول أو حتى مجموعة أفكار سلبية تدور في رأس الإنسان، وانفجار بركان هذا الغضب يكون نتيجة لضعف المهارات الاجتماعية أو نقص القدرة على حل المشاكل، بالإضافة لعوامل أخرى بيولوجية.
مسببات الغضب
قد تتعدد مسببات الغضب، لكن يبقى السبب الرئيسي له هو تقييمنا الخاطيء والمندفع لبعض المواقف، دون دراسة الأمر بشكل عقلاني، وذلك عندما نتصور أن حقوقنا قد تم التعدي عليها أو أن أهدافنا يحاول أحدهم عرقلتها.
لكن هناك بالطبع أسباب أخرى للغضب منها أن تكون هناك أمور بعينها نرفضها أو تضايقنا ويعرفها الآخرون تماما، لكنهم يصرون دائما على تكرار تلك الأمور من أقوال أو أفعال، متخيلين أن رد فعلنا اتجاهها قد يختلف من مرة إلى أخرى. هم دائما ينتظرون النتيجة التي ترضيهم، لكن رد فعلنا الذي لا يتغير يصدمهم، ويثير غضبهم.
لا يمكن كذلك التقليل من شأن الآلام الجسدية والشعور بعدم الراحة في تفجير الغضب عند حدوث أقل إثارة للأعصاب، لأن المرء في هذه الحالة يعبر عن ألمه ضمنيا من خلال الغضب والثورة، كما أنه يكون أقل قدرة على التسامح مع الآخرين أوالتحكم في غضبه بسبب آلامه، وخاصة في حالة آلام الظهر الشديدة أو الصداع. ولذلك فإن الأطباء والممرضين الذين يعملون على علاج مرضى يعانون من ألم شديد، يكونون على وعي كامل بتعرض هؤلاء المرضى لنوبات غضب شديدة ومتكررة، ويتفهون ذلك كلما ازدادت خبرتهم العملية. وبنفس الطريقة، فإن سائقي السيارات الذين يقضون أوقاتا طويلة على الطرق المزدحمة يوميا يكونون أكثر عرضة للغضب بسهولة مقارنة بغيرهم.
وجد كذلك أن الأشخاص المعرضين أكثر من غيرهم للتلوث الضوضائي، كالأصوات العالية ومكبرات الصوت وغيرها، يكونون في الغالب سريعي الغضب.
الأعراض الجسدية المصاحبة للغضب
عندما نغضب، تتغير معدلاتنا الحيوية بشكل واضح، فتزداد سرعة ضربات القلب، ويصبح تنفسنا أسرع، ونشعر بحرارة كبيرة تفور من داخلنا، ويكتسى الوجه باللون الأحمر، كما نشعر بتجمع الدماء في رؤوسنا، وقد تتشوش الرؤية أيضا بالنسبة لنا عند الغضب.
يحدث أحيانا كذلك أن يصاب الشخص الغاضب باضطراب معوي، أو آلام في الرقبة، كما يشعر في الغالب بوجود طاقة كبيرة محتجزة بداخله، ويبدو للآخرين كما لو كان قد اكتسب قوة إضافية في لحظة.
التحكم في الغضب
من الأمور الواجب علينا أن نعرفها ونعيها جيدا ماذا يدفعنا في الغالب للغضب، ما هي المواقف التي تغضبك في المعتاد؟ إذا تعرفت على هذه الأمور، سيمكنك أن تسعى لتجنبها، أو لحلها بشكل يجعلها لا تحدث مرة أخرى. قد تنجح في ذلك أو لا تنجح، لكن المحاولة مهمة جدا.
فيما عدا ذلك، علينا أن نحاول السيطرة على مشاعرنا، خاصة في المواقف التي تتكرر، أو في الأماكن التي لا يصح أن ننفعل فيها، كالاحتفالات أو المناسبات الرسمية، واجتماعات العمل مع الرؤساء، أو في المواقف التي تجمع الأبناء بوالديهم أو بالكبار كالمدرسين مثلا. في مثل هذه المواقف لا يصح أن نترك العنان لبركان الغضب حتى لا نخسر الكثير والكثير، ونفقد احترام أشخاص يهمنا أن تبقى علاقتنا بهم قوية.
يجب أن نتعلم كيف نكظم غيظنا، ونكتمه بداخلنا إذا كان التعبير عنه سيضرنا أو يضر الآخرين ويجرح مشاعرهم. لكن يجب الانتباه في الوقت نفسه إلى أن كتم مشاعر الغضب بداخلنا طوال الوقت قد يؤدي على المدى الطويل إلى أعراض جسدية مؤلمة، نظرا لأن طاقة الغضب المدمرة تظل محتجزة في الداخل، ولا يتم التنفيس عنها أبدا.
لذا فالتعبير عن الغضب، وإخراج طاقة المشاعر السلبية من وقت لآخر أمر صحي ومطلوب، لكن يجب أن نتأكد أولا أن الآخرين سيكونون بمأمن من الأذى، وأننا لن نخسر الكثير عند التعبير عن مشاعرنا بحرية.
بمعنى آخر، يفضل أن ينسحب الإنسان من الجمع الذي يتواجد فيه، ليعبر عن غضبه بعيدا عن الآخرين، ويفضل أن يكون في مكان مغلق يتواجد فيه بمفرده، أو مع أشخاص يمكنه البوح أمامهم بحقيقة مشاعره مهما كانت سلبية وهو واثق أنهم سيتحملونه ويراعون حالته النفسية.
والأفضل من كل ذلك، هو أن نتعلم السماح ونغفر للآخرين أخطاءهم أو تعنتهم معنا في بعض الأحيان، وهنا سيكون من السهل التخلص من مشاعر الغضب، ومن آثارها المدمرة على صحتنا.