إذا كانت "الهدّاف" قد حيّت الوجه الطيب الذي ظهر به منتخبنا الوطني في لقاءاته السابقة، وهذا منذ أن اعتلى “حليلوزيتش” عارضته الفنية بعد هزيمة “مراكش” التاريخية أمام المنتخب المغربي يوم 4 جوان 2011، حيث تمكن في 6 لقاءات التي لعبها قبل مواجهة “مالي” أول أمس من تحقيق تعادل وبعده 5 انتصارات متتالية، فإننا كنا حذّرنا من “الهيلولة” الكبيرة التي قام بها الكثيرون منذ الفوز أمام “غامبيا” نهاية شهر فيفري الفارط..
بدليل أننا كنا في عدد يوم 1 مارس (يومين بعد لقاء غامبيا) نشرنا موضوعا عنوانه بالحرف الواحد: “غامبيا ليست معيارا لتأكيد الصحوة والامتحان الحقيقي لـ حليلوزيتش أمام مالي”.
“مالي كشفت نقائص كثيرة وأكدت أن الطريق مازال شاقا”
وإذا كنا حتما لن ننسى التطوّر الذي حققه المنتخب الوطني في طريقة لعبه خاصة منذ أن أشرف عليه “حليلوزيتش”، والتي تزامنت مع وقف نزيف النتائج الهزيلة التي سجلت خاصة قبل مجيئه مع بن شيخة، خاصة أن “الخضر” بعودتهم بفوز من “غامبيا” مثلا فهم تمكنوا من طرد نحس دام 32 شهرا خلاله لم يسجّلوا أي فوز خارج قواعدهم من تنقلاتهم الإفريقية (نستثني نهائيات كأس أمم إفريقيا في أنغولا واللقاء الفاصل أمام مصر في “أم درمان” شهر نوفمبر 2009). كما أننا لن ننسى أن الفوز أمام “رواندا” مكّن المنتخب الوطني من طرد نحس 75 لقاء متتاليا في ظرف 9 سنوات لم يسجّل خلالهم فوزا بأزيد من 3 أهداف، فإن ما شاهدناه أمام مالي كشف أن ورشة “حليلوزيتش” من أجل بناء منتخب كبير مازالت مفتوحة، حيث ظهرت نقائص كثيرة خاصة على مستوى التنظيم الدفاعي، وأكدت أيضا أن الطريق للوصول إلى “مونديال” البرازيل مازال شاقا، عكس ما تصوّره البعض بعد النتائج الأخيرة التي سبقت مواجهة مالي.
تانزانيا، إفريقيا الوسطى، غامبيا ورواندا لم تكن معيارا
وجاء تحذيرنا المسبق من الإفراط في الفرحة بعد نتائج “الخضر” السابقة، ومردّه سبب واحد وهو أن الحكم على المنتخب الذي شكّله “حليلوزيتش” في 11 شهرا التي أعقبت تعيينه على رأس العارضة الفنية لـ “الخضر” كان يجب أن يكون أمام مالي، لأنه قبل لقاء أول أمس فإن زملاء فؤاد قادير لم يواجهوا تحت إشراف “حليلوزيتش” منتخبات كبيرة في لقاءات رسمية، واقتصر الأمر على 4 منتخبات تبقى متواضعة بمستواها وتاريخها. حيث أن تانزانيا، إفريقيا الوسطى، غامبيا ورواندا تبقى منتخبات مجهرية في إفريقيا، بدليل أنه إذا استثنينا تانزانيا التي شاركت مرّة واحدة في دورة نهائية لكأس أمم إفريقيا سنة 1980 ورواندا التي سجّلت حضورها في دورة 2004، فإن المنتخبين الآخرين لم يسبق لهما أن سجّلا حضورهما في أي دورة نهائية من “الكان”.
مالي أعادتنا إلى أرض الواقع وأيقظت الجميع من “الحلم المزيّف”
ويبقى الآن الأمر الإيجابي الوحيد من هزيمة مالي أول أمس، هو أنها ستجعل الجميع من طاقم فني، لاعبين، مسؤولين عن المنتخب والجماهير يعودون إلى أرض الواقع وينزلون من السحاب الذي رُفعوا إليه بعد النتائج التي حققها “الخضر” في الأشهر القليلة الفارطة. حيث أنه وجب التأكيد أن المنتخب مازال بعيدا عن تحقيق أهدافه المسطرة، وأنه في إقصائيات “كان” 2013 وإن كان خطى خطوة عملاقة في اجتياز عقبة غامبيا بعد فوزه عليها في ملعبها، فإنه مازال لم يتأهّل إلى دورة “جنوب إفريقيا”، حيث سيكون في انتظاره مواجهة قوية فاصلة، كما أن الهدف الرئيسي المتفق عليه بين “الفاف” و”حليلوزيتش” سيكون التأهل إلى “مونديال” البرازيل، وحتى الآن مازال الطريق شاقا وطويلا خاصة بعد هزيمة مالي التي أفقدته صدارة ترتيب مجموعته.